زواج ناجح

بقلم جويس ماير

الزواج عطية من الله ولكنه أيضاً من أكثر العلاقات التي تشكل تحدي بالنسبة لكثيرين وذلك لأن كل من الزوج والزوجة يجب أن يتعهدا ويعزما في قلبيهما أن يحبا بعضهما البعض وهذا يعني الخضوع والتضحية.

ومن المهم جداً أن نقبل محبة الله غير المشروطة لنا إن أردنا أن نحب أزواجنا، لأنه بدون محبته لنا لن نستطيع ولن يكون لدينا القدرة أن نعطي لكي يدوم هذا الزواج ولكي يكون صحياً.

أنا أعلم هذا من واقع خبرتي لأني عندما تزوجت ديف ماير، كانت حياتي فوضى ومليئة بالمشاكل.

فبسبب الإيذاء الذي تعرضت له خلال نشأتي، كنت مضطربة وغير مستقرة عاطفياً وكنت أشعر بالخزي والعار وبالتالي لم يكن بوسعي أن أثق في ديف أو أن أخضع له كما أوصاني الله.

لكن بسبب احتياجي الشديد للسلام في حياتي، بدأت أسعى لعلاقة شخصية أكثر عمقاً مع يسوع وتعلمت كيف أدرس الكتاب المقدس. وكان هذا أفضل قرار اتخذته في حياتي لأنه قادني إلى رحلة شفاء غيرت حياتي جذرياً وغيرت زواجنا.

درس في الخضوع: قصة المنشفة

إليكم هذه الحادثة التي علمني الله من خلالها معنى الخضوع.

كنت أصلي صباح ذات يوم وسمعت الله يتحدث إلى قلبي قائلاً: “جويس، لا استطيع أن أفعل شيء آخر في حياتك حتى تفعلي ما أوصيتك به تجاه زوجك.”

في ذلك الوقت كان الله يتعامل معي بشأن خضوعي لديف. وقتها كان لدي إرادة قوية وكنت أشعر بعد الأمان وسريعاً ما كنت أشعر بالإهانة ولذلك كان أمر خضوعي لديف مخيف جداً.

بعد انتهاءي من الصلاة، ذهبت لاستحم في الحمام الذي قمنا بتجديده مؤخراً ولأننا لم نكن قد قمنا بتركيب حامل المناشف بعد، وضعت منشفتي على مقعد التواليت ولما رأى ديف ذلك سألني “لماذا وضعتِ المنشفة هنا؟”

قلت له بسخرية ومشاعري قد بدأت في التأجج: “وما العيب في وضعها هنا؟”

أجاب ديف بطريقته العملية والمنطقية “لأننا لم نضع منشفة على الأرض بعد، يمكنك وضع منشفتك على الأرض حتى إذا ما انتهيتي من الاستحمام تقفين عليها حتى لا تبللين الأرض في محاولتك للوصول للمنشفة إن وضعتيها على مقعد التواليت.”

قلت بتضرر: “وما المشكلة إن سقطت بعض قطرات الماء على الأرض؟”

أدرك ديف الحالة المزاجية التي كنت فيها، فهز كتفيه وذهب لحال سبيله.

انتهى بي الحال وقد فعلت ما اقترحه ديف ولكني قلت لنفسي “يا للعجب، فأنا لا استطيع أن أخذ حمامي في سلام! لماذا لا استطيع أن أفعل أي شيء دون أن يخبرني أحدهم بما يجب أن أفعله.” وفي ضيقي استمر حواري مع نفسي على هذا المنوال.

بالرغم من أني كنت مؤمنة وبالرغم من أني كنت أخدم الرب لسنوات، كان ينقصني الكثير من ضبط النفس والتحكم في أفكاري وإرادتي ومشاعري ولم أهدأ وأنسى الموضوع إلا بعد مرور ثلاثة أيام كنت خلالها مثل نحاساً يطن كما يصفه الكتاب في 1كورنثوس 13.

كيف تبدو المحبة الحقيقية؟

المحبة هي أعلى درجات النضج لأنها تتطلب الكثير من التضحية وإنكار الذات وإن لم نكن مستعدين لتقديم هذا النوع من التضحية فعلى الأرجح أننا لا نحب هذا الشخص.

أما المحبة التي نقدم فيها تضحيات لنحصل على شيء في المقابل فهي محبة محدودة وفي كثير من الأحيان تكون مُغرضة وتستهدف التحكم في الطرف الآخر.

لكن محبة الله طاهرة ونقية ولا تطلب ما لنفسها وهي غير مشروطة. فالله لا يقدم لنا رحمة ونعمة فقط عندما نكون مستحقين لهما أو نتيجة لأعمالنا الصالحة. الله يحبنا لأنه محبة (1يوحنا 4: 8)

جمال المحبة المضحية

في الزواج، يجب أن تسكن محبة الله في قلوبنا حتى نستطيع أن نحب شريك حياتنا جيداً. عندئذ سنتمكن من تقديم شريك الحياة على ذواتنا وسنطلب دائما ما لخيره ونرغب في خدمته ودعمه وتعضيده وسيكون كل همنا هو أن نفعل كل ما يريد دون أن نحارب لكي تحصل على ما نريد.

التضحية ليست مُسرة في معظم الأوقات كما أنها ليست أمر هين ولكن عندما يكون الحب الإلهي هو الدافع من وراءها، سيفيض قلبك بالسلام والفرح. إنها أفضل استثمار في الزواج والسبيل إلى الحصول على البركات الإلهية لأن الله سيعمل وقتها في حياتكما بطريقة معجزية لإنك عزمت في قلبك أن تثق بالله وتطيع وصاياه.

كم أشكر الرب لأنه ساعدني حتى أدرك فؤائد الخضوع والتضحية في الزواج. لقد احتفلت مع ديف بمرور 50 سنة على زواجنا وأشهد أن حياتنا معاً هي أفضل شيء قد حدث.

أشجعك أن تسلم قلبك وزواجك لله بالكامل وثق بأنه سيمنحك نعمة لكي تحب شريك حياتك كما أحبك هو. ثق أنك ستختبر بركات الله عندما تخضع وتحب وتضحي بحسب قيادة الرب لك واعلم أن المجازاة التي تنتظرك أفضل بكثير.

 

Facebook icon Twitter icon Instagram icon Pinterest icon Google+ icon YouTube icon LinkedIn icon Contact icon