الإساءة ومعجزة الشفاء

بقلم جويس ماير
تعرضت في طفولتي للإساءة الجنسية والعاطفية واللفظية والجسدية. وهناك عدد كبير من الذين يقرءون هذه المقالة تعرضوا لأحد هذه الأمور أو ربما يتعاملون مع أشخاص نشئوا في بيئات مختلة وظيفياً أو تعرضوا فيها للإساءة والاعتداء بصفة مستمرة.

ما المقصود بالإساءة؟ الإساءة تعني سوء الاستخدام أو الاستخدام الخاطئ، أو الاستهلاك والاستغلال أو التسبب في الأذى نتيجة سوء المعاملة. دعوني أقدم لكم تعريفاً موجزاً لأربعة أنواع مختلفة من الإساءة.

الإساءة الجنسية: وتعتبر من اكثر أنواع الإساءة ازدراء و إهانة وعدوانية. وتشمل كل من التحرش، والاغتصاب، الاتصال الجنسي بين المحارم، الإباحية (نزعة إلى إظهار العورة)، واختلاس النظرات بغرض الإشباع الغريزة الجنسية والمكالمات الهاتفية الداعرة…… الخ.

الإساءة العاطفية: وهي الامتناع عن تقديم مشاعر الحب، والاهتمام والملامسات المعبرة عن الحب، والكلمات التي تدل على القبول. أو تقديم الحب المشروط بالأداء الجيد …الخ
الهجر: يندرج الهجر تحت بند الاساءة العاطفية ويحدث عندما يهجر أحد الأبوين أو كلاهما للطفل سواء فعليا او ذهنيا. ويختبر حتى البالغين التأثير المدمر للهجر عندما يتعرضون لهجر أشخاص مهمين في حياتهم فجأة او بطريقة قاسية.

الإساءة اللفظية: يحتاج الإنسان أن يسمع كلمات الحب والقبول حتى ينمو بطريقة صحيحة. إن الإساءة اللفظية يمكن أن تكون صريحة بمعنى استخدام الكلمات العنيفة والممتلئة غضب التي من شأنها توصيل رسالة تدل على الفشل أو عدم القبول وقد تكو مقنعة بمعنى الامتناع عن تقديم الكلمات التي تدل على الحب.

الإساءة الجسدية: يندرج كل من الضرب، التأديب الظالم، الحبس فى حجرة مظلمة، الحرمان من الطعام… الخ تحت بند الإساءة الجسدية.
إن الآثار التي تتركها الإساءة يمكن أن تكون مدمرة وقد تستمر لوقت طويل وهناك من لا يتماثل للشفاء منها أبداً.

فبالرغم من أن ظاهري كان يدل على أني امرأة طبيعية مثل أي امرأة أخرى في المجتمع، إلا أنى كنت أعاني من العديد من المشاكل الداخلية، والاضطرابات فى شخصيتى. وسأذكر بعض الامور التى كنت اشعر بها والتى كانت تقف عائقاً بيني وبين التمتع بالبر والسلام والفرح كما ورد فى رومية 14 : 17. لقد أرسل الله الآب ابنه يسوع ليكون لنا تمتع بالملكوت.

كنت اشعر بالمرارة تجاه ماضي، كما كنت حادة الطباع وكان لدى استعداد دائم للشجار. كنت مقتنعة تماماً بأن الجميع مدينين لى بمعاملة متميزة. كانت تتملكنى مشاعر الشفقة على النفس خاصة اذا لم تسر الامور كما أردت لها أن تسير. كنت شخصية متحكمة ومناورة، وممتلئة بالمخاوف، ومفتقدة للشعور بالأمان، عنيفة، يصعب التعامل معي، متذمرة بشدة، ديانة للآخرين، أشك في كل ما حولي وسلبية للغاية.

ما أكثر الأوقات التي شعرت فيها بالذنب والإدانة والإحساس العميق بالخزي والكراهية لذاتي. كم من سنوات قضيت أحاول جاهدة أن أكون شخص اخر. اعتقد انك الان تستطيع ان تتخيل الصورة التى كنت عليها وكم الفوضى الذي كان يملأ حياتي.

ما سأقوله الآن هام جدا. لقد اختبرت الولادة الثانية واندمجت فى الكنيسة. وكنت اواظب على حضور الاجتماعات والاشتراك فى انشطتها المختلفة. لقد كانت حياتى تدور حول الكنيسة، ورغم كل ذلك لم أستطع التغلب على مشاكلي واضطراباتي الداخلية.

و الجزء المحزن حقيقة هو أني حتى ذلك الوقت لم اكن ادرك ان لدى مشكلة. وكنت اعتقد ان الآخرين هم الذين يعانون من مشاكل عديدة وانهم في حاجة إلى التغيير حتى أستطيع أنا أن أشعر بالسعادة.

وفى عام 1976 اختبرت معمودية الروح القدس، فى (أع 1:8) يتحدث الكتاب عن نوال قوة لنكون شهودا، ولاحظ انه لم يقل نقوم بعمل الشهادة بل ان نكون شهودا. يوصينا الكتاب أن نكون رسالة حية مقروءة من الجميع وان نكون نور للعالم، وملح للارض. فالعلم بالشيء يختلف عن كونه حقيقة في حياة الشخص. كنت أبدو أمام الآخرين مهذبة ومنمقة، ولكني من الداخل كنت عبارة عن حطام. وفى مرات عديدة كان هذا البركان ينفجر وعندها كنت أظهر أمام الجميع عكس ما كنت أبدو عليه.

إن انسكاب الروح القدس داخلي وهبني قرب وحب حقيقى لكلمة الله وقدرة على فهم المكتوب بطريقة لم اكن أعرفها من قبل. .يقول الكتاب فى( 2 كو 3 :18) انه بينما ننظر لكلمة الله كأننا ننظر فى مرآة نتغير لتلك الصورة من مجد إلى مجد.

ومن ذلك الحين تغيرت وتغيرت وتغيرت. وما زلت اتغير حتى الان. لقد انتهت معظم مشاكلى تماما، وما تبقى منها يظهر من حين لاخر. حتى شكلي بدا مختلفا، فأنا الان أبدو اصغر سنا وأسعد حالاً وأكثر سلاماً.

في ( 2كو 5 : 17 ) تقول كلمة الله انه إن صار إنسان مولوداً جديداً في المسيح، فقد أصبح مخلوقا جديدا وان الاشياء القديمة مضت والكل اصبح جديدا. لاحظ القول ان الكل صار جديدا. وهذا لا يعنى ان كل شئ فى الماضى يزول نهائيا. ففي الترجمة التفسيرية يقول “لاحظ، هوذا الجديد قد أتى”، بمعنى أنه بدون يسوع لا يوجد رجاء فى التجديد في الحياة، وسيظل الماضي له تأثير على المستقبل.

وحتى مع يسوع لا يحدث الأمر أتوماتيكيا، فعندما يُقبل الجديد تتاح أمامنا الفرصة ولكننا في نفس الوقت يجب أن نعطي كلمة الله المكانة اللائقة في حياتنا. وهنا يجب أن نواجه الحق المعلن لنا في كلمته، فإن سلكنا بهذا الحق، تحررنا.

أريد أن أشجعك، واصل المسيرة وستظل تتغير إن ثبت في الكلمة وتمسكت بها. في( فليبى1: 6 ) يقول بولس أن الذي بدأ فيكم عمل صالح قادر ان يكمل عمله. وفى( عب 12 :2 ) يقول انظروا الى يسوع مبدع وموجد السلام ومكمل ايماننا.

والآن استمتع بحياة الملكوت: “البر، والسلام، والفرح”. مهما كان ماضيك ومهما كانت مشاكلك، الله قادر أن يصنع معجزة معك. سيغيرك الى صورة يسوع المسيح ويمنحك حياة جديدة تستحق أن تحياها.
.

Facebook icon Twitter icon Instagram icon Pinterest icon Google+ icon YouTube icon LinkedIn icon Contact icon