– بقلم جويس ماير
في طريق الحياة، يجب أن نسأل الله دائمًا: “كيف اتخلص من المرارة واعيش بسعادة؟” لأن السلام الداخلي يأتي من الإيمان. كم من أناس دمروا حياتهم وفقدوا صحتهم نتيجة تناولهم لسموم المرارة، والغيظ، وعدم الغفران. في (متى 18 : 23ـ 35) يذكر الكتاب المقدس أن عدم غفران الآخرين يسلمنا إلى المعذبين، وما أتعس الإنسان الذي تملأه الكراهية تجاه الآخرين.
من يستفيد عندما تغفر؟
من هو الشخص المستفيد عندما تغفر لمن أساء إليك؟ الحقيقة أنك تساعد نفسك أكثر من الشخص الآخر. كنت أظن أن غفران الإساءة أمر صعب للغاية وليس من العدل أن أغفر وأنا مجروحة ومتألمة، ولكن الآن أدركت أنني أساعد نفسي عندما أغفر. كما أساعد الآخر بإطلاقه حراً، فيستطيع الله أن يساعدني. إذا اخترت طريق الانتقام وتعاملت مع الأمر بنفسي، فلن يتدخل الله. الله يتعامل مع الأشخاص الذين جرحونا عندما نضعهم بين يديه ونغفر لهم. إنها بذرة الطاعة لكلمته، والتي إذا زرعناها اليوم، سنحصد بركة.
الغفران يطلق يد الله للعمل في حياتنا، فنساعد أنفسنا ونتمتع بالراحة والسعادة فقط عندما نخلو من سموم عدم الغفران. نشعر بتحسن جسدي أيضاً. كثير من الأمراض الخطيرة تصيب الإنسان نتيجة الضغوط التي تسببها المرارة والغيظ وعدم الغفران. في (مرقس 11: 22ـ 26) تعلمنا كلمة الله بوضوح أن عدم الغفران يعيق عمل الإيمان داخلنا. الله الأب لا يستطيع أن يغفر لنا إذا لم نغفر نحن للآخرين. نحصد ما نزرع، إذا زرعنا الرحمة، سنحصد رحمة، وإذا زرعنا الإدانة، سنحصد إدانة. أسدى معروفاً لنفسك واغفر.
هناك ثمار أخرى للغفران، فعندما تختار طريق الغفران، تغمر حياتك أنهار الشركة مع الله. أما عدم الغفران فيوقف هذا التدفق. يقول بولس الرسول إن الغفران يحمينا من استغلال إبليس لنا (1كورنثوس 2: 10-11). وفي أفسس 4: 26-27 تذكرنا كلمة الله بألا ندع الشمس تغرب على غيظنا وألا نعطي لإبليس مكاناً في حياتنا.
تذكر أن العدو يبدأ بأخذ موطئ قدم أولا قبل أن يأخذ حصناً في حياتك. كن سريعاً في الصفح عن الآخرين ولا تمكن العدو منك فيعذبك. من الصعب أن نبغض شخصاً ونحب آخر، فعندما تمتلئ قلوبنا بالفساد والخطية، يكون من الصعب علينا أن نعامل الآخرين بشكل سليم. حتى الأشخاص الذين ترغب في حبهم سيعانون من مشاعر المرارة والغيظ وعدم الغفران التي بداخلك.
كيف أغفر؟
كأي شئ آخر، هناك خطوات عمليه يجب اتخاذها إذا أردنا أن نتمم الأمر بنجاح. ذات يوم، سألت الرب لماذا يفشل كثيرون في أن يغفروا للآخرين بالرغم من رغبتهم في ذلك؟ فأجابني ” لأنهم لم يطيعوا ما أوصيتهم به في كلمتي”. وعندما بحثت في الكلمة وجدت الخطوات الآتية:
1- اعزم: تأكد انك لن تغفر ابدآ إذا انتظرت حتى تشعر برغبة في أن تغفر. أختر أن تطيع الله واصمد في مقاومة محاولات العدو المستمرة بوضع أفكار المرارة السامة داخلك، أسرع في قرارك بالغفران، والله سيضمد جراحك ويشفي مشاعرك.
2- أتكل علي الرب: تأكد أن الغفران مستحيل بدون قوة الروح القدوس لذلك لا تعتمد أبداً على قوتك الشخصية. إذا كنت حقا تريد أن تغفر، تأكد أن الله سيعطيك القوة لتفعل ذلك ولكنك ستحتاج أن تتواضع أمام الرب وتصرخ له طالبا معونته. في (يوحنا 20 : 22 ـ 23) نفخ يسوع في التلاميذ وقال ” اقبلوا الروح القدس ” وبعدها أوصاهم أن يغفروا للآخرين. وبكل تأكيد يمكننا نحن أيضا أن نفعل كذلك ونسأله أن ينفخ فينا حتى نغفر للذين يسيئون إلينا.
3- كن طائعاً: هناك العديد من الآيات الكتابية التي توصينا أن نغفر للأعداء:
– صلي لأجل أعداءك وكل من يسيء إليك ويستغلك. صلي من أجل سعادتهم ورخائهم (لو6: 27ـ28) عندما تصلي يستطيع الله أن يعلن لهم السبيل للتخلص من الخداع الذي وقعوا في شباكه. فربما يكونون غير مدركين أنهم قد جرحوك، أو قد يكونوا مدركين ولكنهم متمركزين حول أنفسهم ولا يهتمون بما فعلوا بك، وفي الحالتين، هم في حاجة لإعلان من الله.
– باركهم ولا تلعنهم (رومية 12: 14). إن الفعل يبارك في اللغة اليونانية يعني “أن تتكلم حسنا عن” والفعل يلعن يعني “التكلم بالشر عن”. فهل يستطيع إنسان أن يغفر في حين أنه يغتاب الناس وينشر الشائعات عنهم؟ كف عن ترديد الإساءة، فلن تتغلب عليها وأنت مستمر في التحدث عنها. فى ( أمثال 17 : 9) من يستر الإساءة يطلب المحبة.
لمن أغفر؟
أغفر لمن جرحك في الماضي، واغفر للعامل في محل البقالة الذي داس قدمك دون قصد. خذ هذين الطرفين واغفر لأي شخص بينهما. كن مسرعًا في الغفران. كلما أسرعت، كان الأمر أسهل. اغفر مجانًا كما جاء في (متى 10: 8). الغفران يعني التماس العذر، والإعفاء من الثمن، والإطلاق، وترك الدين، وإسداء الجميل دون شروط.
عندما تغفر، يجب أن تلغي الدين. لا تقضِ حياتك في محاولة دفع أو جمع الديون. في عبرانيين 10: 30 يقول الكتاب أن الانتقام لله وحده، وهو الذي سيجازي ويحسم الأمور لخاصته. دع الله يعوضك عن الظلم الذي تعرضت له، ولا تحاول جمع ما لك من الذين تسببوا في جرحك، لأنهم لا يستطيعون أن يردوا لك شيئًا، في متى 18: 25 يقول أنه “لم يكن له ما يوفي”.
اغفر أيضًا لنفسك عن الخطايا التي ارتكبتها والجروح التي سببتها للآخرين. طالما أنك لن تتمكن من تعويضهم، فاطلب من الله أن يعوضهم.
اغفر لله إذا كنت غاضبًا منه لأن الأمور لم تسر كما خططت. تذكر أن الله عادل في كل طرقه. ربما هناك أشياء لا تفهمها الآن، ولكن الله يحبك. يقترف الكثيرون خطأً كبيرًا عندما لا يطلبون المعونة من الشخص الوحيد القادر على مساعدتهم.
تخلص من السموم الناتجة عن المرارة والغضب وعدم الغفران، وتذكر “فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة” (أمثال 4: 23). عدم الغفران هو بمثابة قذارة روحية، لذا اغتسل في مياه الكلمة واستمتع بالنقاوة والطهارة.
كيف اتخلص من المرارة واعيش بسعادة
عندما نواجه الصعوبات، نذكر أنفسنا أن الرب يسوع قال: “كيف اتخلص من المرارة واعيش بسعادة؟” بالإيمان نحقق ذلك.